احتفلت وزارة الصحة ممثلة بدائرة الترصد الوبائي بمركز مراقبة الأمراض والوقاية منها (اليوم الاثنين) بإطلاق مشروع نظام الترصد القائم على الحدث (Event-Based Surveillance) وتخريج دفعتين جديدتين من الكفاءات الوطنية ضمن برنامج التمكين في الصحة العامة في مجال الوبائيات التطبيقية الأساسية (Frontline FETP )، اللذين يأتيان بدعم وشراكة إستراتيجية مع مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) والشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية ((EMPHNET .
رعى الاحتفال بفندق الشيراتون ـ مسقط ـ سعادة الدكتور سعيد بن حارب اللمكي - وكيل وزراة الصحة للشؤون الصحية - بحضور عدد من أصحاب السعادة والمسؤولين بالوزارة وذوي الاختصاص والمدعوين .
تضمن برنامج الافتتاح كلمة للدكتورة أمل بنت سيف المعنية - المديرة العامة لمركز مراقبة الأمراض والوقاية منها بوزارة الصحة - أكدت فيها أن هذا الإنجاز يأتي في إطار التوجه الوطني الرامي إلى تعزيز منظومة الإنذار المبكر والاستجابة السريعة للأحداث الصحية، بما يتماشى مع رؤية عمان 2040 التي تضع صحة الإنسان وسلامته في صميم أولوياتها.
وقالت: "إن الترصد القائم على الحدث لا يُعد مجرد نظام، بل يمثل نقلة نوعية نحو التحول الذكي والمبكر في اكتشاف الإشارات الصحية غير التقليدية بالتكامل بين القطاعات الصحية والبيئية والحيوانية، وتفعيل مبدأ الصحة الواحدة (One Health) ".
وأضافت: "نفخر اليوم بتخريج كوكبة متميزة من القدرات العمانية التي أتمت بنجاح برنامج التمكين، واكتسبت مهارات علمية وميدانية تعزز من قدرتنا على التصدي للمخاطر الصحية، وبناء نظام صحي مرن ومتكامل".
من جهتها قدمت الدكتورة هيذر بيرك -المديرة الإقليمية لمنظمة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة الأمريكية – عرضا بالمناسبة قالت فيها: "نحن فخورون برؤية هذا النظام يُطبق الآن على مستوى جميع محافظات سلطنة عمان، لدعم نظام الترصد القائم على المؤشرات الراسخ أساسا، نحن على ثقة بأن هذا النظام سيعزز من مكانة سلطنة عمان كونها نموذجا في نظام الإنذار المبكر والاستجابة، مما يعزز الاستخبارات الوبائية في البلاد".
وأضافت: "بنفس القدر من الفخر، نحتفل بتخريج الدفعتين الثالثة والرابعة من برنامج الوبائيات التطبيقية، ونحن نؤمن بأن الخريجين قد تخرجوا في وقت حاسم لدعم النظام الجديد للترصد القائم على الحدث ".
مؤكدة أن تصميم نظام الترصد القائم على الحدث، وبرنامج التمكين في الصحة العامة قد جاءا لخدمة نهج (الصحة الواحدة) الذي تتبناه سلطنة عمان.
وضمن البرنامج؛ سلط الدكتور عادل بن سعيد الوهيبي – مدير دائرة الترصد الوبائي بمركز مراقبة الأمراض والوقاية منها بوزارة الصحة – الضوء في عرض قدمه على نظام مشروع الترصد القائم على الحدث من حيث المفهوم، والفرق بينه وبين الترصد القائم على المؤشرات، ومكوناته، وجهود سلطنة عمان لتطوير هذا النظام، بــ : إنشاء منصة إلكترونية وطنية، وإعداد الأدلة التشغيلية والنماذج الموحدة، وتنفيذ دراسة تجريبية في محافظتي شمال الشرقية والداخلية، وتدريب الكوادر بالتعاون مع مراكز السيطرة على الأمراض (CDC) وبنهج الصحة الواحدة (One Health) لضمان التكامل بين الصحة العامة والبيئية والحيوانية.
موضحا أن نجاح النظام يتطلب تعزيز الدعم الإداري والتشغيلي على مستوى المحافظات، مع التأكيد على الالتزام الفوري بالإبلاغ، ومتابعة الأداء بمؤشرات واضحة تُسهم في التقييم المستمر والتحسين المستدام.
والقى الدكتور يوسف صالح خضر ـ مدير مركز التميز لعلم الوبائيات التطبيقي ( امفنت ) كلمة قال فيها أن برنامج الوبائيات التطبيقية بسلطنة عُمان (FETP): يعد شراكة استراتيجية لبناء القدرات الوطنية في الصحة العامة .
واضاف أن برنامج الوبائيات التطبيقية (Field Epidemiology Training Program - FETP) هو أحد النماذج الرائدة في تطوير القدرات الوطنية في مجال الصحة العامة، ويجسّد مثالًا ناجحًا على الشراكة المثمرة بين وزارة الصحة في سلطنة عُمان ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة (CDC)، بدعم فني من الشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية (EMPHNET). ، مضيفا الى أن البرنامج أنطلق بهدف إعداد كوادر وطنية متمكنة في علم الأوبئة والصحة العامة الميدانية، من خلال تدريب عملي ونظري عالي المستوى، يركز على تعزيز منظومة الترصد، الاستجابة السريعة للفاشيات، وتحليل البيانات الوبائية لدعم اتخاذ القرار ، ويعتمد على نهج "التعلم بالممارسة" (Learning by Doing)، حيث يُدرَّب المشاركون أثناء الخدمة ضمن فرق الاستجابة السريعة، مما يتيح لهم تطبيق المعارف في بيئات العمل الحقيقية، بما ينعكس مباشرة على تحسين الأداء المؤسسي ورفع كفاءة النظام الصحي.
واختتم قائلا أن البرنامج ساهم في تخريج عشرات من الكفاءات الوطنية التي باتت تتولى أدوارًا محورية في مراكز الترصد، وإدارة الفاشيات، وتحليل البيانات الصحية في مختلف المحافظات. كما يتكامل البرنامج مع مشاريع وطنية كبرى، أبرزها مشروع الترصد القائم على الحدث (EBS)، ويعزز النهج التكاملي للصحة المبني على مفهوم الصحة الواحدة. (One Health).
أما الدكتور عبدالله بن بشير المنجي - اختصاصي وبائيات بمركز مراقبة الأمراض والوقاية منها بوزارة الصحة - فأوضح في محاضرة له بأن البرنامج يعد منصة تعليمية تطبيقية تجمع بين الجانبين النظري والميداني، وقد أثمر هذا البرنامج عن تخريج أربع دفعات من الكفاءات الوطنية حتى الآن، يمثلون نموذجا ناجحا في رفع الجاهزية الوطنية لمجابهة التحديات الصحية.
أما النظرة المستقبلية للبرنامج؛ فأوضح بأنها تشير إلى آفاق واعدة، من حيث توسيع نطاقه وتعزيز شراكاته، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات المحتملة مثل الاستدامة، وتنوع المهارات المطلوبة، والتكامل بين القطاعات؛ التي تمثل أيضا فرصا لتطوير البرنامج باستمرار بما يخدم رؤية عمان 2040 في بناء نظام صحي مرن ومستدام.
تضمن برنامج الحفل تقديم عرض مرئي لمشروع الترصد القائم على الحدث ، وعرض مرئي آخر لبرنامج التمكين في الصحة العامة .
في ختام الحفل كرم سعادة الدكتور سعيد بن حارب اللمكي - وكيل وزراة الصحة للشؤون الصحية راعي المناسبة الفريق الفني المشترك لمشروعي الترصد القائم على الحدث وبرنامج التمكين في الصحة العامة ، والفريق الفني لمشروع الترصد القائم على الحدث ، والفريق الفني لبرنامج التمكين في الصحة العامة . كما كرم سعادته الشركاء الداعمين الرئيسيين للمشروعين والقائمين عليهما .
هذا وقد جاء مشروع نظام الترصد القائم على الحدث وبرنامج التمكين في الصحة العامة من منطلق تعزيز منظومة الصحة العامة في سلطنة عمان بأنظمة ترصد مبتكرة تُسهم في تطوير الإنذار المبكر للمخاطر الصحية في ظل التحديات الوبائية والصحية المتزايدة على الصعيدين المحلي والعالمي.
ويعكس مشروع الترصد القائم على الحدث وبرنامج التمكين في الصحة العامة التزام سلطنة عمان بتحقيق منظومة صحية متكاملة بتدريب مجموعات الصحة العامة الميدانية وتأهيلها، وتطوير قدرات وطنية قادرة على التصدي لتحديات الصحة العامة بفاعلية، مع تبني نهج "الصحة الواحدة" الذي يضمن تنسيقًا متكاملًا بين مختلف القطاعات.
مشروع نظام الترصد القائم على الحدث يمثل هذا المشروع تحولا إستراتيجيا في منظومة الترصد الوبائي بسلطنة عمان، حيث يهدف إلى تعزيز قدرة النظام الصحي على الاكتشاف المبكر للمخاطر الصحية والاستجابة الفعّالة لها.
ويتكامل المشروع مع برنامج الترصد القائم على المؤشرات، مما يُرسخ مفهوم "اليقظة الوبائية" في سلطنة عُمان، ويعتمد على جمع البيانات وتحليلها من مصادر متنوعة تشمل المراكز الصحية، والمدارس، والمجتمعات المحلية، مع توظيف التكنولوجيا الحديثة لتحسين كفاءة العمليات وتعزيز فاعلية النظام.
انطلق المشروع في أكتوبر عام 2022، حيث شكل فريق عمل فني للإشراف على تطويره وإعداد المواد التدريبية اللازمة. وبدأت مرحلته التجريبية في نوفمبر 2023 بمحافظتي شمال الشرقية والداخلية إذ تم التنفيذ الشامل في ديسمبر 2024، وطبق المشروع على مستوى جميع محافظات سلطنة عمان بعد تدريب المجموعات اللازمة.
ودربت دائرة الترصد الوبائي 188 مشاركا مركزيا من مختلف القطاعات، بما في ذلك البلديات، وهيئة البيئة، ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه على آليات الترصد القائم على الحدث، وأعد دليل علمي شامل ومنهجيات تدريبية تدعم تنفيذ المشروع على نطاق وطني بتنفيذ حلقات عمل وتجارب ميدانية لضمان الجاهزية والاستجابة السريعة لأي مخاطر صحية.
لقد أسهم المشروع في تعزيز نظم الإنذار المبكر وتحسين كفاءة الاستجابة لتفشي الأمراض مما أدى إلى تقليل آثارها في المجتمع، كما عزز المشروع التعاون بين القطاعات المختلفة بما في ذلك الزراعة والبيئة والبلديات، مما حقق تكامل الجهود الوطنية لمواجهة التحديات الصحية بفاعلية وشمولية.
وفي الآونة الأخيرة؛ أسهم المشروع في الكشف السريع عن عـدة فاشيات كان آخرها فاشية نوروفيروس في محافظة الداخلية، مما أكد دوره الحيوي في تحسين الجاهزية والاستجابة للأزمات الصحية. ويُعد هذا المشروع نموذجًا يُحتذى به في تعزيز الصحة العامة وتطوير الأنظمة الوطنية لمواجهة التحديات الصحية المستقبلية.
برنامج التمكين في الصحة العامة في مجال الوبائيات التطبيقية الأساسية : يهدف هذا البرنامج إلى تعزيز مهارات العاملين في القطاع الصحي ومختلف القطاعات ذات العلاقة ، بتطوير قدراتهم في مجالات رصد الأمراض، وتحليل البيانات الصحية ،واستقصاء التفشيات.
ويتميز البرنامج بمنهج تعليمي هجين يجمع بين التدريب النظري والميداني، مما يتيح للمشاركين تطبيق المفاهيم المكتسبة، وقد جاء تأسيسه بناءً على دراسة تقييمية شاملة أجرتها وزارة الصحة بالتعاون مع مركز السيطرة على الأمراض (CDC) والشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية (EMPHNET)، لتحديد الاحتياجات الوطنية في مجال الوبائيات التطبيقية.
بدأ البرنامج في 21 أغسطس 2022 ، وكانت أولى أنشطته حلقة تدريبية لإعداد الموجهين، تلاها إطلاق دورة تدريبية للفوج الأول بمشاركة 24 متدربًا من وزارة الصحة. ومن خلال البرنامج درب 102 مشارك من مختلف القطاعات على مدار أربعة أفواج، شملت العاملين في القطاع الصحي وممثلين من قطاعات أخرى مثل البلديات ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه وتطبيق منهج التعليم الهجين لتعزيز الجمع بين الجوانب النظرية والتطبيق العملي. وأعد 20 موجهًا متخصصًا للإشراف على تدريب المشاركين وضمان استدامة المشروع.
البرنامج يسهم في رفع كفاءة العاملين في مجالات الرصد الصحي وتحليل البيانات، مما يؤدي إلى تحسين جودة نظم الرصد ودعم عملية اتخاذ القرارات المستنيرة. كما يعزز المشروع التعاون بين مختلف القطاعات، مما يتيح تحقيق منهجية "الصحة الواحدة"، التي تضمن استجابة شاملة ومنسقة للتحديات الصحية.
ويُعد هذا البرنامج نموذجًا رياديًا في تطوير المجموعات الصحية الوطنية، وتعزيز الجاهزية لمواجهة التحديات الوبائية والصحية، مع تحقيق التكامل بين القطاعات المختلفة لدعم الصحة العامة في سلطنة عمان.