تزامنًا مع اليوم العالمي للصحة النفسية، وتعزيزًا للوعي بها، ولتبادل خبرات الباحثين وصناع القرار والمهنيين الصحيين، وعرض أحدث أبحاثهم وإستراتيجياتهم المبتكرة التي تهدف إلى تحسين الوصول إلى خدمات الصحة النفسية وفاعليتها في منطقة الخليج، وللتعاون الإقليمي في هذا المجال؛ بدأت اليوم (الخميس) أعمال المؤتمر الخليجي للصحة النفسية لعام 2025 تحت شعار "إتاحة الخدمات: الصحة النفسية في الكوارث والطوارئ"، الذي تستضيفه سلطنة عمان على مدار ثلاثة أيام بتنظيم من وزارة الصحة ممثلة بمستشفى المسرة. 

وألقى الدكتور بدر الحبسي - مدير مستشفى المسرة - كلمة رحّب فيها بالمشاركين في المؤتمر الخليجي للصحة النفسية 2025، الذي تستضيفه العاصمة مسقط تحت شعار منظمة الصحة العالمية: "إتاحة الخدمات: الصحة النفسية في الكوارث والطوارئ".

وأكد في كلمته الافتتاحية أن انعقاد المؤتمر في سلطنة عمان يجسد رسالة إنسانية نبيلة، تتمثل في اعتبار الصحة النفسية حقًا أصيلًا وضرورة قصوى، لا سيما في أوقات الأزمات والطوارئ، مشيرًا إلى أن المؤتمر يمثل منصة علمية وفكرية لتبادل الخبرات وتعزيز التعاون الخليجي في هذا المجال.

وأوضح أن فعاليات اليوم الأول تضمنت جلسات علمية وحوارية ناقشت قضايا معاصرة مثل الإدمان، والذكاء الاصطناعي، وتأثير الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في الصحة النفسية، واصفًا تلك الجلسات بأنها "أطلقت أفكارًا جريئة، وقدمت رؤى مبتكرة، وأثبتت أن الحوار والتبادل الفكري هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات".

كما أعرب عن تقديره للمتحدثين من سلطنة عُمان ودول مجلس التعاون الخليجي، مثمنًا إسهاماتهم في إثراء المؤتمر ببحوث وتجارب نوعية، موجّهًا الشكر كذلك للمنظمين ومؤسسات القطاع الخاص الداعمة للمؤتمر إيمانًا منها بأهمية الشراكة المجتمعية في خدمة قضايا الصحة النفسية.

يهدف المؤتمر إلى تعزيز التكامل الخليجي في مجال الصحة النفسية، استعراض التجارب الوطنية في مواجهة الأزمات والطوارئ النفسية، دعم البحث العلمي والابتكار في مجال الصحة النفسية، مناقشة التحديات النفسية والاجتماعية المعاصرة في المجتمعات العربية، تعزيز ثقافة طلب المساعدة النفسية وتقليل الوصمة المرتبطة بها، صياغة توصيات عملية لتكامل خدمات الصحة النفسية ضمن خطط الطوارئ الوطنية، تشجيع تبني التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تطوير خدمات الصحة النفسية، تحفيز التعاون بين القطاعات الصحية والتعليمية والأمنية. 

شهد اليوم الأول من المؤتمر سلسلة من المحاضرات والجلسات العلمية المتنوعة، حيث قدمت فاطمة الشيزاوي  - رئيسة قسم التطوير المهني بمستشفى المسرة - محاضرة بعنوان "الاستعداد النفسي… الاستجابة الإنسانية: خدمات المسرة في الطوارئ".

كما قدّم الدكتور محمد البلوشي محاضرة حول تحويل رعاية الصحة النفسية في العالم العربي، وتناول الدكتور علاء السعدادي - استشارية طب نفسي - من مملكة البحرين تأثيرات السمنة النفسية والاجتماعية.

وسلط الدكتور وضاح الألمعي العسيري – استشاري طب نفسي - من المملكة العربية السعودية الضوء على آثار وسائل التواصل الاجتماعي على طلاب المدارس، بينما ناقشت الدكتورة مها العلي – استشارية طب نفسي للأطفال - من دولة الإمارات الاعتلالات النفسية المصاحبة لدى الأطفال المصابين بالصرع.

كما تضمنت الفعاليات عرض بحوث متخصصة لكفاءات محلية، من بينها: الفحص المبكر لاضطراب طيف التوحد وتأثيره في خفض عمر التشخيص، وصمة طلب المساعدة النفسية بين الأطباء والممرضين، النماذج التفسيرية للضغوط النفسية لدى مقدمي الرعاية الأسرية في عمان.

وكان المؤتمر قد استهل أعماله يوم أمس بجلسات حوارية ، جاءت الأولى بعنوان "ظاهرة الإدمان على المؤثرات العقلية بين الجنسين: أزمة فردية أم مسؤولية مجتمعية؟"، تناولت أبعاد الإدمان الصحية والمجتمعية والقانونية، واستعرضت الإحصاءات الحديثة والفروقات بين الجنسين في أنماط التعاطي والاستجابة للعلاج.

أما الجلسة الثانية فجاءت بعنوان "الصحة النفسية والذكاء الاصطناعي: هل نحن أمام مستقبل أكثر رفاهًا أم أكثر قلقًا؟"، وناقشت دور التقنيات الذكية في دعم خدمات الصحة النفسية، مع الإشارة إلى توجه وزارة الصحة لدمج الذكاء الاصطناعي ضمن خدماتها بما يتوافق مع رؤية عمان 2040، إلى جانب مناقشة التحديات الأخلاقية والقانونية المرتبطة باستخدام الأنظمة الذكية في المجال الطبي.

وفي ختام برنامج الافتتاح تجوّل راعي الحفل في المعرض العلمي المصاحب للمؤتمر، الذي ضم نتائج دراسات وبحوث ميدانية حول موضوعات متنوعة، منها: تجارب التدخل النفسي في الطوارئ، وصورة الجسد لدى الطالبات الجامعيات، والحد من تعاطي التبغ بين المراهقين، ودمج العلاج السلوكي في إدارة مرض السكري.

ويُختتم المؤتمر بفعالية جماهيرية هي "قافلة مستشفى المسرة للتوعية بالصحة النفسية"، التي ستقام في مجمع ذا فيلج التجاري مساء غدٍ (الجمعة).

تتضمن القافلة أركانًا تفاعلية، وعروضًا مسرحية، ومسابقات توعوية، وحلقات نقاش مفتوحة مع الجمهور، ضمن جهود المستشفى لنشر الثقافة النفسية وتعزيز الوعي المجتمعي بالصحة النفسية.