تطبيقًا لنهج المدن الصحية نحو التحسين المستدام للصحة، ولجودة الحياة في الأحياء المدنية باتباع إستراتيجية إشراك المجتمع والعمل مع القطاعات ذات العلاقة على نحو علمي ممنهج؛ بدأت اليوم الأربعاء بمجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بصلالة أعمال المؤتمر العماني الأول للمدن الصحية الذي تنظمة وزارة الصحة ممثلة بالمديرية العامة للخدمات الصحية بمحافظة ظفار والمديرية العامة للخدمات الصحية والبرامج بالوزارة وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ويستمر يومين.
رعى حفل افتتاح المؤتمر صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفارـ ، بحضور معالي الدكتور هلال بن علي بن هلال السبتي ـ وزير الصحة وسعادة الدكتورة حنان بلخي ـ المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لإقليم الشرق المتوسط، وعدد من أصحاب السعادة وكلاء وزارة الصحة والمحافظين والولاة وعدد من المسؤولين بوزارة الصحة ومن منظمة الصحة العالمية.
وألقى سعادة الدكتور سعيد بن حارب اللمكي ـ وكيل وزارة الصحة للشؤون الصحية كلمة ترحيبية أوضح فيها أن القطاع الصحي لا يعنى فقط بتقديم الخدمة الصحية وإنما هو قطاع مبني على الشراكة والتكاملية للرقي بصحة المجتمع، ويسهم في تقدم النهضة التنموية المتجددة التي تشهدها سلطنة عمان، ويسعى لترسيخ فكرة الانتقال بالقطاع الصحي من مُقدِّم للخدمات إلى قِطاع تنموي.
مضيفًا أن القطاع الصحي يعتمد على عدة إستراتيجيات منها مبدأ العدالة والمساواة في توزيع الخدمات الصحية، مُقاربا في ذلك ما يطلق عليه المُحدِدات الاجتماعية للصحة، حيث كانت وما زالت تجربة اللجان الصحية- العُمانيةَ الهوية- وباهتمام مباشر من أصحاب السعادة الولاة، خير أنموذج للتعاون القطاعي للوصول إلى تحقيق النتائج الفضلى في مؤشرات الصحة العامة والرعاية الصحية الأولية، بما يحقق التغطية الصحية الشاملة وأهداف التنمية المستدامة.
مشيرًا سعادته إلى أنه اتساقًا مع رؤية عُمان 2040، وتحقيقا لأولوية الصحة، فُعِلت الشراكة مع أفراد المجتمع تحت محور الإنسان والمجتمع، بما يسهم في مجمله تحسين نوعية الحياة، وتحقيق المزيد من الرفاه والحماية الاجتماعية.
بعدها ألقت سعادة الدكتورة حـنان بلخي ـ المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط - كلمة قالت فيها أن برنامج المدن الصحية يوفر إحدى المنصات المتعددة القطاعات التي يتسنى من خلالها اتخاذ إجراءات فعالة في مجال الصحة، ووجود برنامج للمدن الصحية يشكل ضرورة ملحة لمعالجة محددات الصحة والنهوض بها، ففي سلطنة عمان توجد الآن خمس مدن صحية، منها أول جزيرة صحية في إقليم شرق المتوسط، وهي جزيرة مصيرة.
وأضافت أن هذا المؤتمر يتيح فرصة للاستفادة من التجارب الناجحة، وسيتبادل الخبراء وأصحاب المصلحة من المجتمع المدني الخبرات والأفكار مع أنصار المدن الصحية.
وقدم سعادة الدكتور أحمد بن سالم المنظري ـ وكيل وزارة الصحة للتخطيط والتنظيم الصحي محاضرة بعنوان "الصحة في جميع السياسات: منصة لإنجاح منهجية المدن الصحية"، سلط فيها الضوء على مفهوم منهجية "الصحة في جميع السياسات" ومكوناتها وأهميتها، والتحديات التي تلازمها والطرائق التي تستخدم لتنفيذها. كذلك تطرق سعادته في المحاضرة إلى أهمية استخدام هذه المنهجية في تنفيذ مشاريع المدن والقرى الصحية، من حيث مشاركة جميع القطاعات وأفراد المجتمع لتطبيق السياسة الصحية الوطنية القائمة على أن الصحة مسؤولية الجميع.
من جانبه قدم سعادة الدكتور أحمد بن محسن الغساني ـ رئيس بلدية ظفار عرضا مرئيا حول التخطيط الحضري للمدن الصحية (بلدية ظفار أنموذجًا) .
وقدمت الدكتورة هـدى بنت خلفان السيابية ـ مديرة دائرة المبادرات المجتمعية الصحية بوزارة الصحة ـ رئيسة اللجنة العلمية للمؤتمر عرضا مرئيا حول المدن والقرى الصحية في سلطنة عمان.
تضمن حفل الافتتاح تقديم فيلم ترويجي عن محافظة ظفار، وفيلم عن الرحلة إلى المدن الصحية ، إضافة إلى فقرة شعبية عن محافظة ظفار.
وعقدت في اليوم الأول من برنامج المؤتمرعدة جلسات علمية، حملت الجلسة الأولى عنوان "المدن الصحية منصة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة" وكانت حول المدن الصحية وأهداف التنمية المستدامة، والمدن الصحية والشبكة الإقليمية للمدن الصحية في إقليم شرق المتوسط، وتطبيق مبادرة المدن الصحية في دولة الكويت النماذج والإنجازات والدروس المستفادة خلال عشر سنوات، والمدن المرنة مجابهة التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية، وقد حاضر في الجلسة خبراء طبيون ومجموعات طبية من منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط ومن عدد من الدول الخليجية والعربية.
كذلك عقدت جلسات فرعية شملت عدة موضوعات أهمها القرى الصحية أداة لمجتمع أكثر صحة ، ودور قرية واد الصحية في تعزيز الصحة بين أفراد المجتمع، ودور المدن والقرى الصحية في تعزيز مبدأ التعاون بين المجتمع والمؤسسات الخدمية في القطاعين العام والخاص، وتجربة شمال الشرقية في تطبيق القرى الصحية، والقرى الصحية في جنوب الباطنة ودورها في تعزيز الصحة، والتدخلات المجتمعية الناجحة في تعزيز الصحة، والمدن والمجتمعات الصديقة لكبار السن، ونجاح إستراتيجية المملكة العربية السعودية في تنفيذ برنامج ومبادرات المدن الصحية وإسهامها في تحقيق رؤية المملكة 2030 وأهداف التنمية المستدامة فيها، والمسابقة المجتمعية للحد من انتشار المخدرات والمؤثرات العقلية، وتعزيز وتبادل الخبرات وروابط العمل بين المدن الصحية، وشبكات المدن الصحية في الإقليم بما يسهم في تنمية معارف العاملين في المدن الصحية وتطبيق الأسلوب العلمي للبرنامج.
تشارك في المؤتمر الفئات التي لها علاقة بالمدن والقرى الصحية سواء القطاعات الحكومية أو الأهلية أو الأفراد، والقطاع الخاص والمهتمين بمحاورالتنمية المستدامة من داخل سلطنة عمان ومن دول إقليم شرق المتوسط .
المؤتمر يهدف إلى مناقشة الوضع الحالي لبرنامج المدن الصحية في سلطنة عمان ونقاط القوة والضعف، والتحديات والفرص القائمة على قصص النجاح والدروس المستفادة ، والتحاور حول آليات توسيع نطاق برنامج المدن الصحية كونها منصة متعددة القطاعات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومناقشة آليات إنشاء شبكة وطنية للمدن والقرى الصحية، والاستفادة من منصة المدن الصحية )متعددة القطاعات( في العمل بمكونات مجتمعية أخرى مثل المدن الصديقة لكبار السن والمدارس والجامعات المعززة للصحة، والمجمعات التجارية المعززة للصحة والمدن الصديقة للطفل، وإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة، والمدن والمجتمعات الآمنة.
ووقعت خلال المؤتمر مذكرة تفاهم وتعاون بين مكتب منظمة الصحة العالمية بسلطنة عمان واللجنة الصحية بولاية صلالة للعمل على تنفيذ برنامج المدن الصحية، وقع المذكرة سعادة الشيخ محمد بن سيف البوسعيدي ـ والي ولاية صلالة ـ رئيس اللجنة الصحية ـ وسعادة الدكتور جان يعقوب جبور ـ ممثل منظمة الصحة العالمية بسلطنة عمان؛ حيث جاء توقيعها في إطار الشراكة الحقيقية بين الجهتين في المجالات المختلفة لتعزيز صحة أفـراد المجتمع.
صاحب المؤتمر معرضا أشتمل على الملصقات العلمية للمشاركين فيها، وشكل المؤتمر فرصة رائعة للمشاركين فيه للتبادل مع الاخرين والتعلم منهم والتواصل معهم في مجال المدن الصحية .
الجدير بالذكر أن وزارة الصحة تتبنى العديد من المبادرات المجتمعية بمحافظات سلطنة عمان المختلفة، مستهدفة مختلف التجمعات السكانية عبر العديد من المسميات كبرنامج المدن والقرى الصحية والمدن الصديقة لكبار السن والمدارس المعززة للصحة، ويعد مشروع نزوى لأنماط الحياة الصحية أحد النماذج لتطبيق مفهوم المدن الصحية في الحــد من الأمراض غير المعدية وعوامل الخطورة المؤدية للإصابة بها.