ضمن نطاق الواجب الوطني والمسؤوليات الاجتماعية لوزارة الصحة في إيصال المعلومة الصحية والوقائية إلى جميع المواطنين والمقيمين على أرض سلطنة عمان، ومن منطلق الحرص على إبقاء المجتمع سليما معافى، ومع عودة أبنائنا الطلبة إلى مقاعد الدراسة لعام دراسي مفعم بالصحة والنشاط، يقدم الأطباء والخبراء بعض النصائح لتخفيف التحديات التي قد تنتج عنها آثارا صحية سلبية، مثل الآثار المترتبة على حمل الحقائب المدرسية الثقيلة لا سيما أنها تعد رفيقا دائما للطلاب منذ انطلاق مسيرتهم التعليمية؛ حيث قال الدكتور عبد الرحمن بن علي بن سليمان الصبحي – استشاري جراحة العظام جراحة العمود الفقري "إن تأثير ثقل الحقائب المدرسية في صحة طلاب المدارس يعد تحديا صحيا قد لا ينتبه إليه الكثيرون؛ فآثار ثقلها على صحتهم لا يتعلق فقط بجسدهم، بل يتجاوز ذلك ليشمل جوانب نفسية وتربوية قد تؤثر في مسارهم التعليمي بأكمله، وأصبحت موضوعًا للنقاش بين الأطباء والعاملين في الصحة". إن وزن الحقائب الزائد يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية خاصةً في منطقة الظهر؛ فبحسب دراسة أجريت في مالطا شملت طلاب تتراوح أعمارهم بين 8 و13 عامًا، تبين أن أكثر من 70% منهم يحملون حقائب تتجاوز الحد الموصى به، والذي لا ينبغي أن يتجاوز 10%، وكانت النتيجة أن 32% من هؤلاء الطلاب عانوا من آلام في الظهر، وتتكرر هذه المشكلة في دول أخرى، ففي أوغندا أظهرت دراسة أخرى أن قرابة 30.8% من الطلاب يحملون حقائب تتجاوز 10% من وزن أجسامهم، مما أدى إلى انتشار آلام في الجهاز العضلي الهيكلي، التي من الممكن أن تتطور إلى مشاكل صحية طويلة الأمد مثل تشوهات العمود الفقري كالجنف. وأضاف: إن حمل هذه الحقائب الثقيلة يمكن أن يؤدي إلى زيادة في مستويات التعب، وقلة التركيز، وارتفاع معدلات القلق والتوتر، وتصديا لهذه المشكلة المتفاقمة، تبنت بعض الدول إجراءات فعالة لتقليل العبء على الطلاب، ففي أسبانيا رُكبت خزائن في المدارس، واستُخدِمت الكتب الرقمية، وفي إيطاليا وُضِعت إرشادات صارمة تحدد الوزن المسموح به للحقائب المدرسية بين 10-15% من وزن جسم الطالب، وأُدخِلت أنظمة للخزائن وتصاميم مريحة للأثاث المدرسي لدعم الوضعية الجسدية الصحيحة وتقليل الضغط. وهناك إستراتيجيات أخرى يمكن اعتمادها للتخفيف من العبء البدني على الطلاب، ومن أبرزها الاعتماد على التكنولوجيا والموارد الرقمية في التعليم؛ فهي تقلل من الوزن الذي يحمله الطلاب يوميًا، وتتضمن ميزات تفاعلية تعزز تجربة التعلم وتجعلها أكثر فعالية ومتعة، ففي بلدان مثل فنلندا وسنغافورة أصبحت هذه الموارد جزءًا أساسيًا من نظام التعليم. كما يمكن للمدارس تشجيع الطلاب على مشاركة الموارد بدلًا من حمل نسخ فردية من الكتب التعليمية، وإنشاء مراكز موارد داخل المدرسة، هذا النهج لا يخفف فقط من العبء البدني، بل يعزز أيضًا روح التعاون والعمل الجماعي بين الطلاب، إضافة إلى ذلك يمكن تشجيع الطلاب على حمل المواد الأساسية فقط لكل يوم دراسي، والاستفادة من أدوات متعددة الوظائف مثل الأقلام ذات الألوان المتعددة والدفاتر ذات الصفحات القابلة للإزالة، مما يقلل من عدد العناصر التي يحتاجون لحملها يوميًا. واختتم: تظل قضية الحقائب الثقيلة مصدر قلق كبير يؤثر في صحة الطلاب، وتظهر التجارب الناجحة في دول مختلفة أن هناك حلولًا يمكن تطبيقها لإيجاد بيئة تعليمية آمنة، ودورنا بصفتنا أطباء وعاملين في المجال الصحي هو نشر الوعي بين أفراد المجتمع، وتقديم النصائح للجهات المعنية لتبني إستراتيجيات واضحة تسهم في حماية صحة الطلاب. ومن جانبه أكد رئيس قسم خدمات التأهيل الطبي المديرية العامة لمستشفى خولة مازن بن مسعود بن ناصر العرفي أن من المهم مراعاة بعض النقاط عند اختيار الحقيبة، مثل أن تكون خفيفة الوزن، ويُفضل استخدام الحزامين بالتوازي، ووضع الأغراض الثقيلة قريبة الظهر داخل الحقيبة للحفاظ على توازن الوزن، ويُنصح بوضعها على الأرض في أثناء مدة الانتظار والالتزام بالجدول المدرسي لكل يوم.
ينبغي كذلك مراعاة اختيار الأغراض المدرسية خفيفة الوزن، وتدريب الطالب على حمل الحقيبة تدريجيا قبل بدء المدرسة، بحيث يبدأ بحمل 25% من وزنها لمدة يومين، ثم إضافة 25% أخرى، وهكذا ويجب الانتباه إلى أن وزنها لا يتجاوز 15% من وزن الطالب وينبغي ألا تكون أبعادها أكبر من ظهره، وأن يكون سطحها الملاصق لظهره مدعوما، مع تشجيع الطلاب على ممارسة الرياضة لتقوية عضلاتهم.
ولقد أوصت المنظمات والمؤسسات الصحية الدولية مثل الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال ومنظمة الصحة العالمية بتخفيف حمل الحقيبة المدرسية وتقديم التوعية لأولياء الأمور بشأن الوزن والأبعاد المناسبة، ونصح رئيس قسم خدمات التأهيل الطبي بخولة أولياء الأمور والمعلمين باتباع الإجراءات المناسبة لتعزيز الصحة العامة والراحة النفسية للطلاب، مما يسهم في تحسين تجربتهم التعليمية.