أعلنت منظمة الصحة العالمية مؤخرا أن عام 2020 هو "عام الممرضة والقابلة" وذلك احتفاءً بدور التمريض والقبالة في جميع انحاء العالم. حيث تضطلع الفئات التمريضية والقبالة بدور حيوي في تقديم الخدمات الصحية وتلبية الإحتياجات الأساسية للمجتمع. فهم يكرسون حياتهم للعناية بالأمهات والأطفال وتقديم اللقاحات والمشورة الصحية والعناية بالمسنّين، وكثيراً ما يكون هؤلاء مركز الرعاية الوحيد في مجتمعاتهم المحلية. وقد أعلنت جمعية الصحة العالمية عام 2020م السنة الدولية لفئات التمريض والقبالة، حيثسيكون العالم بحاجة إلى 9 ملايين عامل وعاملة إضافيين في مجالي التمريض والقبالة لتحقيق التغطية الصحية الشاملة بحلول عام 2030م.
في هذا المقال نسلط الضوء على التطور الذي شهدته مهنة التمريض والقبالة في سلطنة عُمان خلال الخمسينية الماضية.
تطورت مهنة التمريض في سلطنة عمان بشكل ملحوظ في السنوات الأولى من عمر النهضة المباركة، حيث وصلت أعداد الفئات التمريضية إلى ما يقرب من20000ممرض وممرضة منهم 15217 يعملون حاليا بالمؤسسات الصحية التابعة لوزارة الصحة بنسبة تعمين بلغت 64%.
كما تطورالقطاع الصحي بشكل متوازي مع التوجه الحكومي لتوفير خدمات الرعاية الصحية الأولية والثانوية والثالثية لجميع المواطنين والمقيمين. كما تم التركيز حينها على التعليم والبحث العلمي في المجال الصحي. ففيعام 1979م أنشئت دائرة التمريض في وزارة الصحة. وفي عام 1982 تم تعيين أول عمانية كمديرة للتمريض وخلال نفس الفترة حصل العديد من الممرضين والممرضات العمانيين على منح دراسية للتخصص في مختلف مجالات التمريض في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.
حدث التغير الرئيسي في تعليم التمريض عام 1982 م حيث تم افتتاح معهد العلوم الصحية في الوطية (مسقط) كمؤسسة التعليم الأكاديمي والتدريب العملي في تخصصات صحية مثل علوم التمريض والمختبرات والأشعة السينية والعلاج الطبيعي. كما نمت تباعاً البنية الأساسية للتعليم والتدريب في الوزارة بدءا من إنشاء خمس معاهد للتمريض في كلٍ من صلالة ونزوى وصحار وعبري وكذلك صور في عام 1991م. وتوالى بعدها أفتتاح معاهد التمريض في المحافظات الأخرى.
توجت كل هذه التطورات بافتتاح معهد التمريض التخصصي عام 2001م، حيث تم التركيز على تخصصات مثل القبالة والعناية المركزة للأطفال / حديثي الولادة وأمراض الكلى والإدارة الصحية والصحة النفسية والعناية المركزة للبالغين والطوارئ والوقاية من العدوى.
وفي عام 2016م تم رفع مستوى الدراسة إلى البكالوريوس في جميع المعاهد الصحية التابعة لوزارة الصحة بالإعلان عن كلية عُمان للعلوم الصحية العلوم الصحي. كما تم رفع مستوى الدراسة بمعهد عُمان للتمريض التخصصي ليُصبح المعهد العالي للتخصصات الصحية.ويجري حاليا تدريب أكثر من 780ممرض/ممرضة في مختلف هذه الكليات.
بلغ عدد الحاصلين على درجة البكالوريوس حاليا أكثر من 10% وعلى درجة الماجستير5% في مختلف التخصصات بما فيها الممارسة التمريضية المتقدمة. وكذلك أكثر من 30 خريجا على مستوى درجة الدكتوراه. بالإضافة الى توفير 30 مقعد سنويا لدراسة الماجستير والدكتوراه في التمريض في جامعات عالمية مرموقة.
خلال العقد الماضي خضع قطاع التمريض والقبالة لسلسلة من التحسينات البعيدة المدى التي ساعدت في دعم وإنشاء موارد بشرية تمريضية طموحة مهنيا ومختصة. حيث تم عام 2014م رفع مستوى دائرة شؤون التمريض إلى مديرية عامة وتعيين أول مدير عام لشؤون التمريض. وقد ضمت المديرية ثلاثة دوائر، تهتم الأولى بتنظيم المهنة وتهتم الثانية بالموارد البشرية والثالثة بالممارسة المهنية. وقد إزدادت وتطورت المسؤوليات الملقاة على عاتق هذه المديرية بشكل كبير خاصة مع التوسع في الخدمات التي تقدمها والمتغيرات الديموغرافية في أعداد القوى العاملة في حقل التمريض مما إستدعى إستقطاب أعدادا إضافية من كفاءات التمريض لتلبية إحتياجات المرحلة القادمة. وتعمل المديرية العامة في المجمل على الإرتقاء بمهنة التمريض في جميع الجوانب المهنية والأخلاقية والكفايات والممارسات والتعليم ووضع ومتابعة السياسات واللوائح والإستراتيجيات والخطط التمريضية بمايُلبيمتطلبات الخدمات الصحية. تتضمن المشاريع المستقبلية ضمن النظرة المستقبلية 2050م والخطط الخمسية أيضا تقديم برامج لممارسة أدوار متقدمة والعمل من أجل تعزيز المجتمع وخدمات الرعاية الصحية الأولية وبالتالي نقل الرعاية بالقرب من المجتمع.
كما تأسست جمعية التمريض العمانية في عام 2017 م والتي أثبتت بأنها رافدا أساسيا للمهنة. ومن المؤمل أن تتمكن الجمعية من تلبية تطلعات المنتسين إليها. كما أن لديها إلتزامات كبرى تجاه جميع العُمانيين والمُقيمين على أرض السلطنة.