احتفل المستشفى السلطاني ممثلا بالمركز الوطني للصحة الوراثية اليوم (الثلاثاء) بتخريج الدفعة الثالثة من البرنامج التعليمي المتكامل للإرشاد الوراثي 2023-2024 وذلك تحت رعاية سعادة الدكتورة فاطمة بنت محمد العجمية، الرئيسة التنفيذية للمجلس العماني للاختصاصات الطبية ، وذلك بالمركز الوطني للصحة الوراثية .
تضمن برنامج الاحتفال كلمة للدكتورة نسحت السكيتية – رئيسة المركز الوطني للصحة الوراثية - قالت فيها: "يأتي تأسيس البرنامج التعليمي المتكامل للإرشاد الوراثي وتنفيذه عبر تطبيق منهج تعليمي وتدريبي متكامل فيما يعرف بالتدريب خلال الأداء الوظيفي لتأهيل وإعداد مرشدين وراثيين ليؤدوا خدمة الإرشاد الوراثي بجميع محافظات سلطنة عمان.
وفي ختام كلمتها باركت السكيتية للخريجين تخرجهم، راجية لهم مزيدًا من التقدم والنجاح في مسيرتهم العلمية والعملية. وشكرت جميع القائمين على هذا البرنامج التعليمي من أطباء وأكاديميين وإداريين، على ما بذلوه من جهد في سبيل تحقيق هذا النجاح.
من جانبها قدمت ماريا بنت محمود الهنائية – المرشدة الوراثية بالمركز الوطني للصحة الوراثية – عرضا عن البرنامج التعليمي المتكامل للإرشاد الوراثي من حيث التعريف به وأهدافه وأهميته وخدمات الإرشاد الوراثي في محافظات سلطنة عمان المختلفة.
وفي ختام البرنامج وزعت سعادة الدكتورة راعية الحفل شهادات التخرج على الخريجين . وتجولت سعادتها في المعرض المصاحب الذي تضمن ملصقات لأبحاث التخرج للخريجين، حيث استمعت والحضور منهم إلى شرح واف عنها.
يأتي البرنامج التعليمي المتكامل للإرشاد الوراثي ضمن الجهود الوطنية لتطوير خدمات الإرشاد الوراثي في سلطنة عمان، بهدف تعزيز الوقاية والكشف المبكر عن الأمراض الوراثية وتقديم الاستشارات الوراثية للمجتمع. وقد انطلق البرنامج في نسخته الثالثة ليضم 11 متدربا ومتدربة من مختلف محافظات سلطنة عمان ومن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي.
البرنامج هدف إلى إعداد مجموعات متخصصة في مجال الإرشاد الوراثي وتأهيلها لتكون قادرة على تقديم الدعم والإرشاد للأسر والمجتمعات في جميع المحافظات. وجاء ذلك ضمن إستراتيجية شاملة هدفت إلى التوسع في تقديم خدمات الصحة الوراثية على مستوى سلطنة عمان وتحقيق التكامل بين العلاج والوقاية.
امتد البرنامج لمدة 16 شهرًا، وهو مصمم بعناية لتلبية المعايير الأكاديمية والتطبيقية في مجال الإرشاد الوراثي. وقد شمل البرنامج 9 وحدات دراسية تخصصية، قُسمت بما يتماشى مع احتياجات التدريب ومتطلبات الأداء الوظيفي حيث ركزت الوحدات على الجوانب النظرية والعملية للإرشاد الوراثي، بما في ذلك: أساسيات الوراثة: لفهم المكونات الجينية والآليات الوراثية المسببة للأمراض، الأمراض الوراثية الشائعة: للتعرف على أبرز الحالات الوراثية في المنطقة وكيفية التعامل معها، التواصل والاستشارة: لتدريب المشاركين على مهارات تقديم الإرشاد الفعّال للأسر والأفراد، التشخيص والعلاج: لفهم آليات التشخيص المتقدم والتدخلات العلاجية، الأبحاث الوراثية: لتعزيز الوعي بأهمية البحث العلمي في تطوير هذا المجال.
واعتمد البرنامج على مفهوم "التدريب خلال الأداء الوظيفي"، الذي يهدف إلى تمكين المتدربين من ممارسة ما تعلموه عمليا خلال أوقات التدريب حيث يسهم هذا النهج في بناء خبرات ميدانية تساعد على مواجهة التحديات الواقعية في تقديم خدمات الإرشاد الوراثي. وقد تخلل البرنامج حلقات عمل، ودورات تدريبية، ومحاضرات أكاديمية، إضافة إلى جلسات تدريب ميدانية في المستشفيات والمراكز الصحية. وتُعد هذه المنهجية مثالية لتزويد المتدربين بالمهارات اللازمة للتعامل مع القضايا الوراثية المعقدة وتقديم استشارات مهنية ذات جودة عالية".
ويعد برنامج الإرشاد الوراثي جزء لا يتجزأ من الجهود الوطنية للوقاية من الأمراض الوراثية الذي تسعى سلطنة عمان من خلاله إلى تحقيق أهداف رئيسة، منها: الوقاية من الأمراض الوراثية: عبر التوعية والاستشارة الوراثية للأسر، تعزيز الخدمات الصحية: بتوفير مرشدين وراثيين مؤهلين في مختلف المحافظات، دعم الأبحاث الوراثية: بإعداد مجموعات قادرة على المشاركة في تطوير هذا المجال علميًا.
ومن المتوقع من خريجي هذا البرنامج أن يؤدوا دورًا رياديًا في تقديم خدمات الإرشاد الوراثي في جميع أنحاء سلطنة عمان. كونهم ليسوا فقط استشاريين للأسر، بل شركاء في الجهود الوطنية لتحسين جودة الخدمات الصحية والوقاية من الأمراض الوراثية.
تجدر الاشارة إلى أن الإرشاد الوراثي يؤدي دورًا محوريًا في الحد من تنامي معدلات الإصابة بالأمراض الوراثية بين أفراد المجتمع العماني؛ إذ يُعد أداة فعّالة لتوعيتهم بالمخاطر الوراثية المحتملة وذلك بتقديم استشارات متخصصة تعتمد على الفحوصات الجينية والتاريخ الطبي للعائلة، ويسهم الإرشاد الوراثي في الكشف المبكر عن احتمالية انتقال الأمراض الوراثية، مما يتيح للأسر اتخاذ قرارات مدروسة بشأن الزواج أو الإنجاب. هذا النهج الوقائي يقلل من مخاطر ولادة أطفال يعانون من أمراض وراثية، ويخفف الأعباء الصحية والاقتصادية على الأسرة والمجتمع.
علاوة على ذلك، يسهم الإرشاد الوراثي في تعزيز وعي المجتمع بأهمية إجراء الفحوصات الجينية المبكرة والتخطيط الأسري القائم على المعرفة؛ إذ يوفّر المرشدون الوراثيون معلومات دقيقة وميسرة تساعد الأسر على فهم طبيعة الأمراض الوراثية وطرائق الحد من تأثيراتها. ومع تزايد التزام سلطنة عمان بتطوير خدمات الصحة الوراثية، يعد الإرشاد الوراثي جزءًا أساسيًا من الإستراتيجية الوطنية لتحسين جودة الحياة وتعزيز الصحة العامة، مما يُرسّخ دور الوقاية ركيزةً أساسيةً لتحقيق التنمية المستدامة في القطاع الصحي.
هذا وقـد خُرِجت دفعتان من البرنامج خلال المدة بين 2015 – 2022 ، وفُتحت عيادات الإرشاد الوراثي في عدد من محافظات سلطنة عمان بهدف الوصول بخدمات الصحة الوراثية لجميع مستحقيها في هذا الوطن.