في لحظةٍ فارقة امتزج فيها العلم بالإنسانية
سطّرت سلطنة عُمان إنجازًا طبيًا استثنائيًا، بإجراء أول عملية زراعة قلب في تاريخها، على يد فريق طبي عُماني مختص، في حدثٍ يُعدُّ علامةً فارقةً وتحولًا جوهريًا في مسيرة المنظومة الصحية الوطنية.
لم تكن هذه العملية مجرد تدخلٍ طبي، بل كانت إعلانًا مؤثرًا بأن عُمان باتت قادرة على خوض غمار أكثر ميادين الطب دقةً وتعقيدًا بثقةٍ وكفاءةٍ، مؤكدةً أن الاستثمار في الإنسان العُماني قد بلغ مداه.
أعلنت وزارة الصحة اليوم (الأربعاء) نجاح أول عملية زراعة قلب لمريض عُماني عانى من أمراض مزمنة في القلب ، وقد تكللت العملية بالنجاح التام – ولله الحمد.
حيث استهدفت العملية مريضًا عانى طويلًا من قصور عضلة القلب وفشلها، ويحمل في تاريخه الأسري إرثًا مثقلًا بمأساة هذا الداء، حتى جاءت هذه الفرصة الاستثنائية، حين وهبه الكرم الإنساني نبضًا جديدًا، أعاد إليه الحياة والأمل.
تمت العملية بعد تبرع نبيل من ذوي متوفى دماغيًا، جسدوا به أسمى معاني الإيثار، مؤكدين أن النبض الحقيقي للحياة هو ذاك الذي نستودعه بين أيدي الآخرين.
وقد أُجريت العملية الدقيقة والمعقدة في المركز الوطني لطب وجراحة القلب بالمستشفى السلطاني ، الذي يُعد من أبرز المراكز الطبية المتخصصة في علاج أمراض القلب، وذلك على يد فريق طبي وطني متكامل متعدد التخصصات، ضم نخبة من الكفاءات الطبية العُمانية، بقيادة معالي الدكتور هلال بن علي بن هلال السبتي -وزير الصحة- وإشرافه؛ إذ شارك ضمن الفريق الجراحي نظرًا إلى خبرته الواسعة في مجال جراحة القلب، مع وجود فريق دولي مراقب.
وصرح معالي الدكتور هلال السبتي: "إن هذا الإنجاز يُعد مرحلة فارقة في مسيرة القطاع الصحي في سلطنة عمان، إذ جرى زرع قلب مأخوذ من متبرع متوفى، وفقًا لأعلى المعايير الطبية والأخلاقية ، وبما يتوافق مع القوانين الوطنية والتوصيات الدولية المعتمدة في مجال التبرع بالأعضاء".
وقال معاليه: "إن هذا الإنجاز ليس ثمرة جهد فريق طبي فحسب؛ بل يعكس رؤية وطنية متكاملة تتجلى فيها القيادة الحكيمة وكفاءة القدرات الوطنية وروح العطاء الإنساني، ولقد أثبت العاملون في القطاع الصحي جاهزيتهم لأداء المهام الطبية بدرجات الكفاءة والمسؤولية العالية".
من جانبه صرح الدكتور قاسم بن صالح العبري ـ استشاري جراحة قلب بالمستشفى السلطاني قائلا: "اليوم كتبنا صفحة جديدة من الإنجازات الطبية في سلطنة عمان، مع نجاح أول عملية زراعة قلب بأيدٍ عمانية خالصة، في إنجاز غير مسبوق يعكس مستوى التقدم الذي وصل إليه قطاعنا الصحي. هذا النجاح الباهر هو ثمرة سنوات من العمل الجاد، والتخطيط الدقيق، والاستثمار في الكفاءات الوطنية، وهو رسالة فخر واعتزاز لكل عماني، ودعوة مفتوحة لكل فرد في المجتمع بأن يسهم في استمرار هذه المسيرة بدعم ثقافة التبرع بالأعضاء، لأن كل تبرع هو أمل جديد وحياة متجددة لشخص آخر. معًا نستطيع أن نبني منظومة صحية أقوى وأكثر رحمة".
وقال الدكتور علاء بن حسن اللواتي: استشاري جراحة قلب أطفال بالمستشفى السلطاني "إن الإنجاز بإجراء أول عملية لزراعة القلب في سلطنة عمان والتي تمت بسلاسة ونجاحٍ باهرين يعد دليلًا جليًا لرقي المنظومة الصحية في سلطنة عمان وتكاملها، والذي أتى ثمرةً لعمل دؤوب من جميع أعضاء الفريق طوال المدة الماضية؛ إذ لا يمكن الوصول إلى مثل هذا الإنجاز بدون تكامل الجهود والخبرات من مختلف التخصصات الطبية، وهنا أود الإشادة بجميع أعضاء الفريق الجراحي المسؤول عن العملية الذين أدوا عملهم بإتقان منقطع النظير إلى جانب زملائهم من التخصصات الأخرى".
وثمّنت وزارة الصحة عطاء المتبرع – رحمه الله – وموافقة عائلته الكريمة، مؤكدة أن هذا العمل الإنساني يُعد نموذجًا مشرّفًا لقيم التكافل والعطاء، ويمثل ركيزة مهمة لتعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء في المجتمع.
ودعت الوزارة المجتمع إلى متابعة تفاصيل العملية عبر الحملة الإعلامية التي أطلقتها على منصات التواصل الاجتماعي، والتي تتضمن معلومات توعوية عن أهمية التبرع بالأعضاء.
